مأزق الحياة السياسية يتعمق والاصلاح يدق الابواب
مع كل تغيير حكومي او تعديل وزاري نلمس حجم المأزق الذي تعاني منه الحياة السياسية الاردنية
ونصاب بالاحباط لاننا في كل مرة نأمل بخطوة الى الامام واذ بنا نتراجع خطوات الى الوراء.
بدا الجميع في حالة ارتباك خلال الايام الماضية وتجلى ذلك في التغييرات المستمرة على القائمة حتى ساعات متأخرة من
الليل يتحمل رئيس الوزراء المسؤولية المباشرة عن التعديل فقد حصل على تفويض مفتوح لكننا لا نلومه وحده على
النتائج فهي محصلة تقاليد سياسية بالية في تشكيل الحكومات واجراء الانتخابات وادارة الحياة السياسية برمتها..
قال الذهبي مرارا ان التعديل لن يكون ثأريا وسيكون تقييم الاداء هو المعيار الاساسي للتعديل وقد نجح في تطبيق هذا
المفهوم على عدد محدود من الحقائب لكن التعديل بمجمله خضع لحسابات جغرافية وجهوية ونيابية وشخصية احيانا وهو
ما ادى الى توسيعه لارضاء كل الاطراف.
عناوين التجديد في التعديل قليلة مقارنة بعدد الوزراء الداخلين والخارجين فمن بين الجدد العشرة خمسة وزراء سابقين
كان اداء بعضهم محل نقد شديد. وقد فوجئ كثيرون مثلي بتعيين سالم الخزاعلة وزيرا في الحكومة بعدما عمل الرجل
لاشهر على تأسيس ديوان المظالم فما ان باشر عمله حتى اختطف للوزارة لاعتبارات التمثيل لا غير. ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد فكان قرار نقل المهندس باسم السالم من وزارة العمل التي عمل فيها باجتهاد عدة سنوات الى وزارة المالية ومبادلة الحقائب بين المهندس
سهل المجالي وعلاء البطاينة وانتقال نانسي باكير من حقل الثقافة الى ميدان اخر »تطوير القطاع العام«.
لا يجد المراقب من تبرير منطقي لهذه المناقلات غير الرضوخ لسياسة الترضيات والحسابات الجغرافية وحتى لو كان ذلك
على حساب الكفاءة والقدرة.
يمكن اعتبار التغيير في وزارة الخارجية واحدة من النقاط الايجابية في التعديل لكن التشكيلة الوزارية بصورتها العامة لا
تختلف كثيرا عن وضع الحكومة قبل التعديل. ولو سنحت الفرصة للذهبي لاعادة تشكيل الحكومة كاملة فان النتائج لن
تكون افضل حالا. لان ادوات ووسائل التغيير والتعديل واعادة التشكيل لم تتغير وسيجد اي رئيس وزراء يكلف بتشكيل
حكومة نفسه وسط دوامة من الاعتبارات والضغوط تدفع به الى الاستسلام لتجارب سابقيه.
لم يعد بالامكان الاستمرار في هذه الآلية علينا ان لا نضيع الوقت في البحث عن حلول مؤقتة ونشرع فورا في عملية
اصلاح شامل لاساليب ممارسة الحكم في الاردن وتطوير الحياة النيابية والحزبية للخروج من مأزق النخب المعطوبة
والمجالس النيابية المفصلة على مقاس الحارات والاحياء. المأزق السياسي يتعمق والاصلاح يدق على الابواب فلا تجعلوا
الفرصة تفوتنا هذه المرة.0
فهد الخيطان