الحديث عن مظلة أمنية للحكومة أساءة للديمقراطية
محمد الصبيحي
لاشيء يلطخ سمعة الديمقراطية الاردنية مثل الذي نسمعه في الصحف والدواوين عما يسمى ( رفع الغطاء الامني عن حكومة الرئيس نادر الذهبي ) بعد أستقالة مدير المخابرات العامة السابق الفريق محمد الذهبي . اذ يكتب كتاب ويتحدث نواب عن بداية شن هجمات نيابية حادة على الحكومة , كانت خامدة خوفا من مدير المخابرات السابق , وعن تصدع كتل نيابية كانت متماسكة بخيط من ( الدائرة ) .. الى أخر هذا الكلام الذي بدأ كتابه يتوقعون تغيير رئيس الحكومة بدلا عن تعديل في أعضائها بالاضافة الى أمتلاك بعض الكتاب شجاعة مفاجئة في الهجوم على الحكومة , وشائعات عن منح مالية أسكتت أعلاميين لمسنا جميعا تحولا في سقف أنتقاداتهم للحكومة قبل رحيل مدير المخابرات السابق . لا علينا من الصرف والقبض والوظائف التي توزع بالواسطات وجوائز الترضية وانما نتوقف عند المشهد النيابي وما يكتبه كتاب بالخصوص ونقول بأن الحكومة رئيسا وأعضاءا بغض النظر عن شخص من يترأسها انما هي أختيار جلالة الملك وتحوز على ثقة الشعب من خلال المجلس النيابي الذي يستطيع طرح الثقة بها مثلما هو الحق لجلالة الملك في أقالتها في أي وقت , أما أن يقال بأن الحكومة كانت محمية بغطاء أمني من شقيق الرئيس عندما كان في المنصب فان ذلك يدفعنا – ان صح – للتشكيك بالثقة النيابية التي حازت عليها الحكومة الى درجة وجود شبهة خرق دستوري من ناحيتين , الاولى أن نوابا منحوا الثقة للحكومة رهبة وبغير قناعة ويصل الامر الى درجة الاكراه , والثانية أن مجلس النواب لايملك أمر نفسه في جزء كبير أو قليل من أعضائه , وفي الحالين يشكل هذا الامر أساءة بالغة الى مؤسستين دستوريتين الحكومة ومجلس النواب , ويعني بالضرورة أن السلطة الحقيقية ليست في يد أي منهما . ان عنوانا على مقال الزميل فهد الخيطان في ( العرب اليوم ) يقول ( تمرد نيابي بعد رفع الغطاء الامني ) كفيل – اذا صح – مضمونه بالغاء المشروعية الدستورية لمجلس النواب ويستدعي أن يقدم كل نائب كان تحت المظلة الامنية للحكومة أستقالته باعتباره كان فاقدا للأهلية النيابية الدستورية لتأدية مهامه التي أنتخب من أجلها . كيف نريد من أبنائنا في الجامعات أن يتعلموا ويمارسوا الديمقراطية وهم يقرأون ويسمعون ما أشرنا اليه ؟؟ .لقد كنا نستمع الى جلالة الملك في أكثر من زيارة الى الجامعات يحض الطلاب على ممارسة الديمقراطية والانتساب للأحزاب السياسية وهو بهذا يدفع بهم في طريق التنمية وتجديد الحياة السياسية الاردنية وتوسيع قاعدة النخبة الفاعلة وتضييق نطاق الاغلبية الصامتة , ولكن مالذي يمكننا قوله لهم وهم يقرأون ويسمعون أن مجلس النواب عنوان الديمقراطية يقاد من خارج المجلس , وأن الحكومة التي ينكشف غطاؤها الامني تصبح هدفا للهجمات النيابية والاعلامية ؟؟ . أن النائب أو الكاتب والصحفي الذي يحدد سقف علاقته بالحكومة بمدى أتساع أو انكماش مظلتها الامنية لايستحق الصفة التي يحملها ومثل هذه الديمقراطية التي تشكل أساءة الى الوطن لانريدها ونخجل من التشدق بها أمام أبنائنا . وحتى لايفسر أحد ما قلته على مقياس التقرب أو التباعد من الحكومة فانني أؤكد أنني وان كنت الاكثر نقدا للحكومة في الفترة السابقة أيام ما يدعون أنها ( مظلة أمنية للحكومة ) وما زلت أرى أنني بالغت في نقد حكومة السيد نادر الذهبي والتعريض بها في مقالي للاذ ( حكومة الى الجنة بغير حساب ) , الا أن الحق يقال بأنها الحكومة الاكثر مصداقية وأنجازا وشفافية بين عدة حكومات سبقتها .